وقد قال ابن أبي حاتم (٨٣٣): حدثنا أبي، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا محمد بن طلحة - يعني ابن مصرف - عن [][١] أبي بشر، عن أبي الهذيل، قال: كان عيسى ابن مريم ﵇ إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين، يقرأ في الأولى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾، وفى الثانية: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ﴾ السجدة، فإذا فرغ منهما مدح الله وأثنى عليه ثم دعا بسبعة أسماء: يا قديم، يا خفي، يا دائم، يا فرد، يا وتر، يا أحد، يا صمد، وكان إذا أصابته شدة [٢] دعا بسبعة أخر؛ يا حي، يا قيوم، يا الله، يا رحمن، يا ذا الجلال والإِكرام، يا نور السموات والأرض وما بينهما، ورب العرش العظيم يارب. وهذا أثر عجيب [٣] جدًّا.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي: واذكر نعمتي عليك في كفي إياهم عنك، حين جئتهم بالبراهين والحجج القاطعة على نبوّتك ورسالتك من الله إليهم فكذبوك، واتهموك بأنك ساحر، وسعوا في قتلك وصلبك، فنجيتك منهم ورفعتك إليَّ، وطهرتك من دنسهم وكفيتك شرهم، وهذا يدل على أن هذا الامتنان كان من الله إليه بعد [][٤] رفعه إلى السماء الدنيا، أو يكون هذا الامتنان [][٥] واقعًا يوم القيامة، وعبر عنه بصيغة الماضي دلالة على وقوعه لا محالة، وهذا من أسرار الغيوب التي أطلع الله عليها نبيه [٦] محمدًا ﷺ.
وقوله: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي﴾ وهذا أيضًا من الامتنان عليه ﵇: بأن جعل له أصحابًا وأنصارًا، ثم قيل: المراد بهذا الوحي وحي إلهام، كما قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، هذا [٧]، وحي إلهام بلا خلاف، وكما قال تعالى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا﴾ الآية، وهكذا قال بعض السلف في هذه الآية ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا
(٨٣٣) - رواه ابن أبى حاتم فى تفسيره (٤/ ١٢٤١) (٧٠٠٣).