للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينقص [١] منها شئ، ثم إنها رفعت إلى السماء وهم [٢] ينظرون، فاستغنى كل فقير أكل منها، وبرئ كل زَمِنٍ أكل [٣] منها [٤]، فلم يزالوا أغنياء أصحاء [٥] حتى خرجوا من الدنيا.

وندم الحراريون وأصحابهم الذين أبوا أن يأكلوا منها: ندامة سالت منها أشفارهم، وبقيت حسرتها في قلوبهم إلى يوم الممات. قال: وكانت [٦] المائدة إذا نزلت بعد ذلك أقبلت بنو إسرائيل إليها [يسعون من كل مكان]، وراحم بعضهم بعضًا: الأغنياء والفقراء، والصغار والكبار، والأصحاء والمرضى، يركب بعضهم بعضًا، فلما رأى ذلك جعلها نوائب، تنزل يومًا ولا تنزل يومًا، فلبثوا على [٧] ذلك أربعين يومًا، تنزل عليهم غبًّا عند ارتفاع الضحى، فلا تزال موضوعة يؤكل منها حتى إذا قالوا ارتفعت عنهم [إلى جو السماء بإذن الله]، وهم ينظون إلى ظلها في الأرض حتى توارى عنهم.

قال: فأوحى الله إلى نبيه عيسى : أن اجعل رزقى؛ المائدة [للفقراء واليتامى] والزمنى، دون الأغنياء من الناس، فلما فعل ذلك ارتاب بها الأغنياء من الناس، وغمطوا [٨] ذلك حتى شكوا فيها في أنفسهم، وشككوا فيها الناس، وأذاعوا في أمرها القبيح والمنكر، وأدرك الشيطان منهم حاجته، وقذف وسواسه في قلوب المرتابين، حتى قالوا لعيسى: أخبرنا عن المائدة ونزولها من السماء أحق [٩]، فإنه قد ارتاب بها [منا بشر] كثير؟ فقال عيسى : هلكتم وإله المسيح، طلبتم المائدة إلى نبيكم أن يطلبها لكم إلى ربكم، فلما أن فعل وأنزلها عليكم رحمة ورزقًا، وأراكم فيها الآيات والعبر كذبتم بها وشككتم فيها، فأبشروا بالعذاب فإنه نازل بكم إلا أن يرحمكم الله. فأوحى الله إلى عيسى: إني آخذ المكذبين بشرطي، فإني معذب منهم من كفر بالمائدة بعد نزولها عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين. قال: فلما أمسى المرتابون بها، وأخذوا مضاجعهم في أحسن صورة مع نسائهم آمنين، فلما كان في آخر الليل مسخهم الله خنازير، فأصبحوا يتبعون الأقذار في الكناسات.

هذا أثر غريب جدًّا قطعه ابن أبي حاتم في مواضع من هذه القصة، وقد جمعته أنا [] [١٠]


[١]- في ز: "ينتقص".
[٢]- في ز: "ولهم".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز: "منهم".
[٥] في ز: "صحاحًا".
[٦]- في ز: "فكانت".
[٧] في ز: "في".
[٨]- في ز: "غمضوا".
[٩] في ز: "حق".
[١٠]- ما بين المعكوفتين في ز: "له".