للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَكِيمُ﴾: التبري منهم ورد المشيئة فيهم إلى الله، وتعليق ذلك على الشرط لا يقتضي وقوعه، كما في نظائر ذلك من الآيات.

والذي [١] قاله قتادة وغيره هو الأظهر، والله أعلم: أن ذلك كائن يوم القيامة؛ ليدل على تهديد النصارى وتقريعهم وتوبيخهم على رءوس الأشهاد يوم القيامة، وقد روي بذلك حديث مرفوع، رواه الحافظ ابن عساكر (٨٤٧) في ترجمة أبي عبد الله مولى عمر بن عبد العزيز وكان ثقة، قال: سمعت أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز، عن أبيه أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله : "إذا كان يوم القيامة دعي [٢] بالأنبياء وأممهم [٣]، ثم يدعى بعيسى فيذكره الله نعمته عليه فيقر بها، فيقول: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾ الآية، ثم يقول: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ فينكر أن يكون قال ذلك، فيؤتى بالنصارى فيسئلون فيقولون: نعم هو أمرنا بذلك. قال فيطول شعر عيسى ، فيأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده، فيجاثيهم بين يدي الله ﷿ مقدار ألف عام، حتى ترفع عليهم الحجة، ويرفع لهم الصليب، وينطلق بهم إلى النار".

وهذا حديث غريب عزيز.

وقوله [٤]: ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ هذا [٥]، توفيق للتأدب في الجواب الكامل، كما قال ابن أبي حاتم (٨٤٨):

حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوس، عن أبي هريرة، قال: يلقى عيسى حجته ولقَّاه الله تعالى فى قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ


(٨٤٧) - رواه ابن عساكر فى تاريخه (١٩/ ق ١٢٧، ١٢٨) مخطوط) وابن أبى حاتم فى تفسيره (٤/ ١٢٣٦) (٦٩٧٦) من طريق الوليد بن مسلم ثنا روح بن جناح عن مولى لعمر بن عبد العزيز أنه سمع أبا بردة بن أبى موسى يحدث عمر بن عبد العزيز فى إمرته على المدينة أن أباه أبا موسى حدثهم فذكر الحديث، وذكره السيوطى فى الدر المنثور (٢/ ٦٠٨) وزاد نسبته لابن مردويه ومولى عمر بن عبد العزيز هذا مجهول.
(٨٤٨) - تفسير ابن أبى حاتم (٤/ ١٢٥٣) (٧٠٥٢)، ورواه الترمذى فى "سننه" كتاب تفسير القرآن =