للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول الحسن [١] في رواية عنه: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ [قال] [٢]: ما بين أن يخلق إلى أن يموت ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ وهو [٣] ما بين أن يموت إلى أن يبعث. وهو يرجع إلى ما تقدم، وهو تقدير الأجل الخاص وهو عمر كل إنسان، وتقدير الأجل العام وهو عمر الدنيا بكمالها، ثم انتهائها وانقضائها وزوالها والصير إلى الدار الآخرة.

وعن ابن عباس (١٠) ومجاهد: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ يعني: مدة الدنيا ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يعنى: عمر الإنسان إلى حين موته. وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ [٤]﴾.

وقال عطية (١١)، عن ابن عباس: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ يعنى: النوم يقبض فيه الروح، ثم يرجع إلى صاحبه عند اليقظة ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يعني: أجل موت الإنسان. وهذا قول غريب.

ومعنى قوله: ﴿عِنْدَهُ﴾ أي: لا يعلمه إلا هو، لقوله تعالى: ﴿[إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي] [٥] لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ وكقوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾.

وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ قال السدي وغيره: يعني: تشكون [٦] في أمر الساعة.

وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال، بعد الاتفاق على تخطئة قول الجهمية الأوَلِ القائلين بأنه - تعالى عن قولهم علوًّا كبيرًا - في كل مكان، حيث حملوا الآية على ذلك، [فالأصح من] [٧] الأقوال: أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض، أي: يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات ومن في الأرض، ويسمونه الله ويدعونه رغبًا ورهبًا، إلا من كفر من الجن والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾ أي: هو إله من في السماء وإله من في الأرض، وعلى هذا فيكون


(١٠) - انظر السابق.
(١١) - إسناده ضعيف، وعطية هو ابن سعد العوفي ضعيف وأخرجه ابن جرير (١١/ ١٣٠٦٨)، وابن أبي حاتم (٤/ ٧٠٩٣).