للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم: "يا أبا ذر، تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن" نقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: "نعم".

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر أيضًا قال: قال رسول الله : "يقطع الصلاةَ المرأة، والحمار، والكلب الأسود". فقلت: يا رسول الله؛ ما بال الكلب الأسود من الأحمر من [١] الأصفر؟ فقال: "الكلب الأسود شيطان" (٦٨).

وقال ابن وهب: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب ركب برذونًا فجعل يتبختر به، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترًا، فنزل عنه وقال: ما حملتموني إلا على شيطان، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي. إسناده صحيح (٦٩).

والرجيم فعيل بمعنى مفعول، أي: إنه مرجوم مطرود عن الخير كله، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ مَارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) إلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ﴾ إلى غير ذلك من الآيات، [وقيل: رجيم بمعنى راجم؛ لأنه يرجم الناس بالوساوس والربائث (٧٠)، والأول أشهر وأصح] [٢].

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)

افتتح بها الصحابة كتاب الله، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، ثم اختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة، أو من [أول] كل سورة كتبت في أوّلها، أو أنها بعض آية من أول [٣] كل سورة، أو أنها [٤] كذلك في الفاتحة دون غيرها، أو أنها إنما [٥] كتبت للفصل لا أنها آية على أقوال للعلماء سلفًا وخلفًا وذلك مبسوط في غير هذا الموضع.


(٦٨) - رواه مسلم في الصلاة برقم ٢٦٥ - (٥١٠).
(٦٩) - رواه ابن جرير في تفسيره ١٣٦ - (١/ ١١١) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، به.
(٧٠) - يقال: ربثته عن الأمر: إذا حبسته وثبطته، والربائث: جمع ربيثة، وهي الأمر يحبس الإنسان عن مهامِّه. النهاية (٢/ ١٨٢).