للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَقَاسَمَهُمَا﴾ أي: حلف لهما بالله ﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ فإني من قبلكما ها هنا، وأعلم بهذا المكان، وهذا من باب المفاعلة، والمراد أحد الطرفين؛ كما قال خالد بن زهير ابن عم أبي ذؤيب:

وقاسَمَها [١] بالله جَهْدًا لَأَنْتُمُ … أَلذُّ من السَّلْوَى إذا [٢] ما [٣] نَشُوُرَها

أي: حلف لهما بالله [على ذلك] [٤] حتَّى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله، فقال: إنِّي خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتبعاني [٥] أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: [من خدعنا بالله انخدعنا له] [٦].

﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)

قال سعيد بن أبي عروبة (٢٧): عن قتادة، عن الحسن، عن أبي بن كعب قال: كان آدم رجلًا طوالا كأنه نخلة سحوق، كثير شعر الرأس، فلما وقع فيما [٧] وقع فيه [٨] من الخطيئة، بدت له عورته عند ذلك وكان لا يراها، فانطلق هاربًا في الجنَّة، فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنَّة، فقال لها: أرسليني، فقالت: إني غير مرسلتك، فناداه ربه ﷿: يا آدم أمنى تفر؟ قال: يا [٩] رب، إنِّي استحييتك [١٠]. وقد رواه ابن جرير وابن مردويه من طرق: عن الحسن، عن أبي بن كعب عن النَّبيِّ، ، والموقوف أصح إسناداً.

وقال عبد الرَّزاق (٢٨): أنبأنا سفيان بن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال


(٢٧) - تقدم تخريجه [سورة البقرة/آية ٣٦].
(٢٨) - إسناده ضعيف جدًّا وعزاه لعبد الرَّزاق السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ١٠٨) - ومن طريقه أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٤٣٩٩) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢/ ٦٢٧، ٦٢٨/ مخطوط)، والحسن بن عمارة "متروك" كما في "التقريب".