يذكر تعالى أنَّه أباح لآدم ﵇ ولزوجته حوّاء [١] الجنَّة، أن يأكلا منها من جميع ثمارها إلَّا شجرة واحدة، وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة، فعند ذلك حسدهما الشيطان، وسعى في المكر والوسوسة والخديعة، ليُسلَبَا ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن ﴿وَقَالَ﴾ كذباً وافتراء ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ﴾ [أي: لئلا تكونا ملكين][٢] أو خالدين ها هنا، ولو [٣] أنكما أكلتما منها لحصل لكما ذلك [٤]؛ كقوله: ﴿قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ أي: لئلا تكونا ملكين؛ كقوله: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ أي: لئلا تضلوا ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [أي: لئلا تميد بكم][٥].
وكان ابن عباس (٢٦) ويحيى بن أبي كثير يقرآن: (إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلِكَيْنِ) بكسر اللام، وقراءة [٦] الجمهور بفتحها.
(٢٦) - أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٤٣٩٤) وفى إسناده عبد الرحمن بن أبي حماد وهو "مجهول الحال"، وقال ابن جرير (١٢/ ٣٤٩): "والقراءة التي لا أستجيز القراءة في ذلك بغيرها، القراءة التي عليها قراءة الأمصار وهي، فتح "اللام" من "مَلَكَيْنِ" بمعنى: ملكين من الملائكة … ".