للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لجهلهم بالله وبما وجب له.

قال القرطبي: ثم قيل: هما بمعنى واحد كندمان ونديم. قاله أبو عبيد، وقيل: ليس بناء فعلان كفعيل؛ فإن فعلان لا يقع إلا على مبالغة الفعل نحو قولك: رجل غضبان للرجل الممتلئ غضبًا، وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول.

قال أبو علي الفارسي: الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالى، والرحيم إنما هو من جهة المؤمنين قال الله تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾.

وقال ابن عباس هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر. أي أكثر رحمة، ثم حكى عن الخطابي وغيره أنهم استشكلوا هذه الصفة، وقالوا: لعله أرفق كما في الحديث: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، وإنه يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" (١٠٦).

وقال ابن المبارك: الرحمن إذا سئل أعطى، والرحيم إذا لم يسأل يغضب. وهذا كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجة من حديث أبي صالح الفارسي الخوزي عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : "من لم يسأل الله يغضب عليه" (١٠٧).


(١٠٦) - رواه مسلم في البر والصلة، والآداب برقم ٧٧ - (٢٥٩٣) من حديث عائشة، ، ورواه أبو داود في الأدب، باب: في الرفق برقم (٤٨٠٧) من حديث عبد الله بن مغفل، . ورواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة (٣٦٨٨).
(١٠٧) - رواه الترمذي في الدعوات، باب: من لم يسأل الله يغضب عليه، برقم (٣٣٧٣)، وابن ماجة في الدعاء، باب: فضل الدعاء برقم (٣٨٢٧).
وأخرجه أحمد ٩٦٩٩، ٩٧١٧، ١٠١٨١ - (٢/ ٤٤٢، ٤٤٣، ٤٧٧) من حديث مروان الفزاري ووكيع عن أبي المليح - صبيح - عن أبي صالح.
والبخاري في الأدب (٦٥٨) والبزار والحاكم (١/ ٤٩١) كلهم من طريق أبي صالح الخوزي -بضم الخاء المعجمة وسكون الواو ثم زاي- عن أبي هريرة. وقال الترمذي: وقد روى وكيع وغير واحد عن أبي المليح هذا الحديث ولا نعرفه إلا من هذا الوجه. وأبو المليح اسمه صبيح. سمعت محمدًا يقول وقال: يقال له الفارسي.
ورواه أحمد ٩٧١٧، ١٠١٨١ - (٢/ ٤٤٣، ٤٧٧)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب: فضل الدعاء برقم (٣٨٢٧) بلفظ: من لم يدعُ الله .....
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (١١/ ٩٥): "وهذا الخوزى مختلف فيه، ضعفه ابن معين، وقواه أبو زرعة، وظن الحافظ ابن كثير-[سورة غافر آية ٦٠] (*) - أنه أبو صالح السمان فجزم بأن أحمد تفرد بتخريجه، وليس كما قال، فقد جزم شيخه المزي في الأطراف بما قلته. ووقع في رواية البزار والحاكم عن أبي صالح الخوزي سمعت أبا هريرة.
(*) - قال الحافظ ابن كثير [في سورة غافر آية ٦٠]: تفرد به أحمد، وهذا إسناد لا بأس به. =