للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)

تقدم الكلام عليه في البسملة بما أغنى عن إعادته.

[قال القرطبي إنَّما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله: رب العالمين؛ ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب. كما قال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

قال: فالربُّ فيه ترهيب، والرحمن الرحيم ترغيب.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد" (١٣٥)] [١].

﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)

قرأ بعض القراء ﴿مَالِكِ﴾ وقرأ آخرون ﴿مَلِك﴾.

وكلاهما صحيح متواتر في السبع.

[ويقال: ملك بكسر اللام وبإسكانها. ويقال: مليك أيضًا، وأشبع نافع كسرة الكاف فقرأ: (ملكي يوم الدين) وقد رجَّح كلا من القراءتين مرجِّحون من حيث المعنى، وكلاهما صحيحة حسنة. ورجح الزمخشري ملك؛ لأنَّها قراءة أهل الحرمين، ولقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾، وقوله: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ﴾ وحكي من أبي حنيفة أنَّه قرأ ﴿مَلَكَ يوم الدين﴾ على أنَّه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدًّا] [٢].

وقد روى أبو بكر بن أبي داود (١٣٦) في ذلك شيئًا غريبًا حيث قال: حدَّثنا أبو عبد الرحمن


(١٣٥) - رواه مسلم في التوبة برقم ٢٣ - (٢٧٥٥).
(١٣٦) - رواه أبو بكر بن أبي داود في المصاحف (ص ٩٣)، وعدي بن الفضل: ساقط. وروى الحاكم في المستدرك (٢/ ٢٣٢) من طريق ابن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي، قرأ: "مَلِكِ يوم الدين".
وروى أبو بكر بن أبي داود في المصاحف (ص ٩٤) عن هشام بن يونس، عن حفص- يَعني: ابن غياث =