للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَذْرميُّ، حدَّثنا عبد الوهاب عن [١] عدي بن الفضل، عن أبي المطرف، عن ابن شهاب - أنَّه بلغه أن رسول الله وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرءون: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال ابن شهاب: وأول من أحدث "ملك" مروان.

(قلت): مروان عنده علم بصحة ما قرأه، لم يطلع عليه ابن شهاب، والله أعلم.

وقد روي من طرق متعدّدة (١٣٧) أوردها ابن مردويه أن رسول الله كان يقرؤها: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، ومالك مأخوذ من المِلك كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيهَا وَإِلَينَا يُرْجَعُونَ﴾ وقال: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ﴾، وملك مأخوذ من المُلك كما قال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ وقال: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ﴾، وقال: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾.

وتخصيص [٢] الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه؛ لأنَّه قد تقدَّم الإخبار بأنه رب العالمين، وذلك عام في الدُّنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين؛ لأنَّه لا يدعي أحد هنالك شيئًا، ولا يتكلم أحد إلَّا بإذنه. كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَال صَوَابًا﴾. وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلا هَمْسًا﴾ وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾.

وقال الضَّحَّاك: عن ابن عباس: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ يقول: لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكمًا، كملكهم في الدُّنيا. قال: ويوم الدين يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة، يدينهم [٣] بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرّا فشر، إلَّا من عفا عنه. وكذلك قال غيره من الصّحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر.

وحكى ابن جرير عن بعضهم أنَّه ذهب إلى [أن] [٤] تفسير مالك يوم الدين -أنَّه القادر على


= عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة قالت: قام رسول الله من الليل فقرأ الحمد لله فقطعها وقرأ "مَلِكِ يوم الدين". وروى نحوه (ص ٩٤) عن بعض أزواج النَّبيِّ، .
وروى الحاكم في المستدرك (٢/ ٢٣٢) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة أنَّها كانت تقرأ: "مَلِكِ يوم الدين".
قال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي يقول في هذا الحديث: إنَّما هو حديث كقطيع القراءة والترسل فيها وأمَّا قوله ﴿مَلِكِ﴾ فيقال: إنَّها قراءة ابن جريج لا أنه رواها عن ابن أبي مليكة.
(١٣٧) - انظر كتاب المصاحف لأبي بكر بن أبي داود ص ٩٣.