فاصبري ولا حساب عليك". فقالت: بل أصبر ولا حساب عليَّ.
ورواه غير واحد من أهل السنن (٣١٦) وعندهم: قالت: يا رسول الله، إني أُصْرَعُ وأتكشَّف؛ فادع الله أن يشفيني. فقال: "إن شئت دعوت الله أن يشفيك، إن شئت صبرت ولك الجنَّةَ" فقالت: بل أصبر ولي الجنَّةَ، ولكن ادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها، فكانت لا تتكشف [١].
وأخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة "عمرو بن جامع" من تاريخه [٢]: أن شابًّا كان يتعبد في المسجد، فَهَويته امرأة، فدعته إلى نفسها، فما [٣] زالت به حتَّى كاد يدخل معها المنزل؛ فذكر هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ [٤] مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ فخرَّ مغشيًّا عليه، ثم أفاق فأعادها، فمات، فجاء عُمَر فعزَّى فيه أباه، وكان قد دفن ليلًا، فذهب فصلى على قبره بمن معه، ثم ناداه عمر فقال: يا فتى ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾، فأجابه الفتى من داخل القبر: يا عمر، قد أعطانيهما [٥] ربي ﷿ في الجنَّةَ مرتين.
وقوله تعالى: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾ أي: وإخوان الشياطين من الإِنس، كقوله: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [من الإنس][٦] وهم أتباعهم، والمستمعون [٧] لهم، القابلون [٨] لأوامرهم، ﴿يَمُدُّونَهُمْ [٩] فِي الْغَيِّ﴾ أي: تساعدهم الشياطين على المعاصي وتسهلها عليهم وتحسنها لهم.
وقال ابن كثيم [١٠]: "المد": الزِّيادة، يعني: يزيدونهم في الغي، يعني: الجهل والسفه.
(٣١٦) - كذا عزاه المصنف لغير واحد من أهل السنن، وإنما أخرجه النَّسائي في "السنن الكبرى" (٤/ ٧٤٩٠) فحسب من حديث ابن عبَّاس، وكذا أخرج حديث ابن عبَّاس هذا، البخاري، كتاب: المرضى، باب: فضل من يصرع من الريح (٥٦٥٢)، ومسلم، كتاب: البر =