للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)

يخبر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمر، وتركوا ما عنه زجر، أنهم ﴿إِذَا مَسَّهُمْ﴾ أي: أصابهم (طيف)، وقرأ الآخرون [١] ﴿طَائِفٌ﴾ (٣١٣)، وقد جاء فيه حديث (٣١٤)، وهما قراءتان مشهورتان، فقيل: بمعنى واحد، وقيل: بينهما فرق، ومنهم من فسر ذلك بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصح ونحوه، ومنهم من فسره بالهم بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب.

وقوله: ﴿تَذَكَّرُوا﴾ أي: عقاب الله وجزيل ثوابه، ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا، واستعاذوا [٢] بالله ورجعوا إليه من قريب، ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ أي: قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه.

وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه (٣١٥) هاهنا حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: جاءت امرأة إلى النبيّ وبها طيف فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يشفيني، فقال: "إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت


(٣١٣) - أخرجه ابن مردويه - كما في "الدر المنثور" (٣/ ٢٨٤) - من حديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله يقرأ ﴿إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ﴾ بالألف، ولم أهتد لإسناده، والغالب على انفرادات ابن مردويه الضعف، فاحفظ هذا.
(٣١٤) - قرأ نافع وعاصم، وابن عامر، وحمزة ﴿طَائِفٌ﴾ بألفٍ وهمرة، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو والكسائي ﴿طيف﴾ بغير الف.
(٣١٥) - وأخرجه أحمد (٢/ ٤٤١) (٩٦٨٧) وابن حبان (٧/ ٢٩٠٩) والبغوي في "شرح السنة" (٥/ ١٤٢٤)، من طريق محمد بن عبيد مقرونًا به عبدة بن سليمان عند ابن حبان، وأخرجه البزار (١/ رقم ٥٣٤/ الزوائد لابن حجر) من طريق عمرو بن خليفة، والحاكم (٤/ ٢١٨) من طريق عبد العزيز بن مسلم، وابن عدي في "الكامل" (٦/ ٢٢٧١) من طريق محمد بن يعلى السلمي، خمستهم (المحمدان وعبدة وعمرو وعبد العزيز) عن محمد بن عمرو، به، واستنكره ابن عدي لمحمد بن يعلى هذا وقال: "يروي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أحاديث لا يتابع عليها" قلت: وهو متابع هنا، وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٣١٠) وعزاه إلى البزار، وغفل عن عزوه لأحمد وقد ذكره ابن حجر في "الفتح" (١٠/ ١١٥) وعزاه إلى البزار وابن حبان فحسب.