للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِاللَّهِ﴾ يقول: فاستجر بالله من نزغه ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، [يقول: إن الله الذي تستعيذ به من نزغ الشيطان] [١] سميع لجهل الجاهل عليك، والاستعاذة به من نزغه، ولغير [٢] ذلك من [كلام خلقه] [٣]، لا يخفى عليه منه شيء، عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان، وغير ذلك من أمور خلقه.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٣١١): لما نزل: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ قال [رسول إنله ] [٤]: "يا رب كيف بالغضب"؟ فأنزل الله: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.

قلت: وقد تقدم (٣١٢) في أول الاستعاذة حديث الرجلين اللذين تسابا بحضرة النبي فغضب أحدهما حتَّى جعل أنفه يتمزع [٥] غضبًا، فقال رسول الله : "إني لأعلم كلمة لو قالي لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فقيل له، فقال: ما بي من جنون.

وأصل "النزغ" الفساد، إما بالغضب أو غيره، قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾. و"العياذ" الالتجاء والاستناد والاستجارة من الشر. وأما "الملاذ" ففي طلب الخير، كما قال [الحسن بن المتنبي] [٦] في شعره] [٧]

يا مَنْ ألوذ به فيما أُؤَمِّلُهُ … ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناسُ عَظْمًا أنت كاسره … ولا يَهِيضون عظمًا أنت جابره

وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير، بما أغنى عن إعادته هاهنا.

﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ


(٣١١) - أخرجه ابن جرير (١٣/ ١٥٥٥٣) - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وَهْب قال: قال ابن زيد … فذكره هكذا مرسلًا، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف، والحديث ذكره السيوطي في "الدرر المنثور" (٣/ ٢٨٣) ولَم يعزه لغير ابن جرير.
(٣١٢) - تقدم [سورة الفاتحة/ الاستعاذة].