للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدين: الجزاء والحساب. كما قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ وقال: ﴿أَإِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ أي: مجزيون محاسبون، وفي الحديث: "الكَيِّس من دان نفسه وعَمِل لما بعد الموت" (١٤١). أي: حاسب نفسه. كما قال عمر : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾] [١].

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)

[قرأ السبعة والجمهور بتشديد الياء من "إياك"، وقرأ عمرو بن فايد بتخفيفها مع الكسر، وهي قراءة شاذة مردودة، لأنَّ "إيا" ضوء الشَّمس، وقرأ بعضهم "أياك" بفتح الهمزة وتشديد الياء، وقرأ بعضهم: هياك بالهاء بدل الهمزة، كما قال الشَّاعر:

فهياك والأمر الذي إن تراحبت … موارده ضاقت عليك مصادره

و "نستعين" بفتح النون أوّل الكلمة في قراءة الجميع سوى يَحْيَى بن وثاب، والأعمش فإنهما كسراها. وهي لغة بني أسد وربيعة وبني تميم] [٢].

والعبادة في اللُّغة من الذلة يقال: طريق معبّد وبعير معبد أي مذلَّل، وفي الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف.

وقدّم المفعول وهو إياك وكرَّر للاهتمام والحصر؛ أي لا نعبد إلَّا إياك، ولا نتوكل إلَّا عليك، وهذا هو كمال الطاعة. والدين يرجع كله إلى هذين المعنيين. وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن وسرها هذه الكلمة ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فالأوّل تبرؤ من الشرك،


(١٤١) - ضعيف، رواه التِّرمذيُّ (٢٤٥٩) وحسنه، وابن ماجة (٤٢٦٠)، وأحمد (٤/ ١٢٤)، وفي الزهد ص (٣٨)، وابن المبارك في الزهد (١٧١)، والطيالسي (١١٢٢)، والطبراني في الكبير (٤٣/ ٧١٧)، وفي مسند الشاميين (١٤٨٥)، والحاكم (١/ ٥٧، ٤/ ٢٥١)، والبيهقيّ في الكبرى (٣/ ٣٦٩)، وفي الشعب (١٠٥٤٦)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٦٧، ٢٦٨، ٨/ ١٧٤)، والخطيب في التَّاريخ (١٢/ ٥٠) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن شداد بن أوس مرفوعًا، وقال الحاكم: صحيح على شرط البُخاريّ، وتعقَّبه الذهبي فقال: لا، والله، في سنده أبو بكر بن أبي مريم، وهو واهٍ. وقال ابن عدي (٢/ ٤٧٣): ولأبي بكر بن أبي مريم غير ما ذكرت من الحديث، والغالب على حديثه الغرائب، وقل ما يوافقه الثقات، وأحاديثه صالحة، وهو ممن لا يحتج بحديثه، وله متابعة عند الطّبرانيّ بسندٍ ضعيف جدًّا (٧/ ٧١٤١).