للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ قال: يسألونك فيما شذ من المشركين إلى المسلمين في غير قتال، من دابة، أو عبد، أو أمة، أو متاع، فهو نفل للنبي، ، يصنع به ما يشاء.

رهذا يقتضي أنه فسر الأنفال بالفيء وهو ما أخذ من الكفار من غير قتال.

قال ابن جرير (٩): وقال آخرون: هي أنفال السرايا.

حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا على بن صالح بن حيّ قال: بلغني في قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ قال: السرايا.

ويعني هذا ما ينفله الإمام لبعض السرايا زيادة على قَشمهم مع بقية الجيش، وقد صرح بذلك الشعبي، واختار ابنَ جرير أنها الزيادات على القسم، ويشهد لذلك ما ورد في سبب نزول الآية، وهو ما رواه الإِمام أحمد حيث قال (١٠):

حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد الله الثقفي، عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر، وقتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه، وكان يسمى: "ذا الكتيفَة (١١) "، فأتيت به النبي، ، فقال: "اذهب فاطرحه في القَبَض (١٢) "، قال: فرجعت ربي ما لا يعلمه إلا الله، من قتل أخي وأخذ سلبي، قال: فما حاوزت إلا يسيرًا، حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله، صلى الله عليه ومسلم، "اذهب فخذ سيفك".

وقال الإمام أحمد أيضًا (١٣): حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو بكر، عن عاصم بن أبي النجود، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن مالك قال: قلت: يا رسول الله، قد شفانى الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف، فقال: "إن هذا السيف لا لك ولا لي، ضعه" قال: فوضعته، ثم رجعت فقلت. عسى أن يعطي هذا السيف اليوم من


(٩) - تفسير ابن جرير (٣/ ١٥٦٣٨).
(١٠) - المسند ١٥٥٦ - (١/ ١٨٠)، ومحمد بن عبيد الله الثقفي أبو عون: ثقة، ولكنه لم يدرك سعدًا، قاله ابن أبي حاتم في المراسيل (٦٧). ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (٣٠٣)، وعزاه في الدر المنثور لابن أبي شيبة، وأحمد، وابن جرير ١٥٦٥٩ - (١٣/ ٣٧٣)، وابن مردويه.
(١١) - الكتيف: السيف الصفيح، أي العريض.
(١٢) - القَبَض: بمعنى المقبوض، وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم.
(١٣) - المسند ١٥٣٨ - (١/ ١٧٨) ورواه أبو داود في الجهاد برقم (٢٧٤٠)، والترمذي في التفسير برقم (٣٠٧٩)، والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١١٩٦).