للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلب كإحراق [١] السعفة، أما تجد لها [٢] قشعريرة؟ قال: بلى. قالت: إذا وجدت ذلك، فادع الله عند ذلك، فإن الدعاء يذهب ذلك.

وقوله: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾، كقوله: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾.

وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإِيمان وتفاضله في القلوب، كما هو مذهب جمهور الأمة [٣]. بل قد حكى الإِجماع على ذلك غير واحد من الأئمة، كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد، كما بينا ذلك مستقصى في أول شرح البخاري، ولله الحمد والمنة.

﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ أي: لا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أن [٤] ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك، وحده لا شريك له، ولا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب، ولهذا قال سعيد بن جبير: التوكل على الله جماع الإِيمان.

وقوله: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾، ينبه تعالى بذلك على أعمالهم، بعد ما ذكر اعتقادهم. وهذه الأعمال تشمل أنواع الخير كلها، وهو إقامة الصلاة، وهو حق الله تعالى.

وقال قتادة: إقامة الصلاة: المحافظة على مواقيتها، ووضوئها، وركوعها، وسجودها.

وقال مقاتل بن حيان: إقامتها: المحافظة على مواقيتها، وإسباغ الطهور فيها [٥]، وتمام ركوعها وسجودها، وتلاوة القرآن فيها، والتشهد، والصلاة على النبي هذا إقامتها.

والإِنفاق مما رزقهم الله: يشمل إخراج الزكاة وسائر الحقوق للعباد، من واجب ومستحب، والخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لخلقه.

قال قتادة في قوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ فأنفقوا مما أعطاكم الله، فإنما هذه الأموال عَواري وودائع عندك يا بن آدم، أوشكت أن تفارقها.


[١]- في ت: "كاحتراق".
[٢]- في ت: "له".
[٣]- فى خ: "الأئمة".
[٤]- فى ز: "أنه".
[٥]- فى ز: "منها".