للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قيل لرسول الله حين فرغ من بدر، عليك بالعير ليس دونها شيء، فناداه العباس بن عبد المطلب - قال عبد الرزاق: وهو أسير في وثاقه - ثم اتفقا: أنه لا يصلح لك. قال: "ولم؟ " قال: لأن الله ﷿ إنما وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك ما وعدك.

إسناد جيد، ولم يخرجوه [١].

ومعنى قوله تعالى: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ أي: يحبون أن الطائفة التي لا حَدَّ لها ولا منعة ولا قتال تكون لهم، وهي العير، ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾ أي: هو يريد أن يجمع بينكم وبين الطائفة التي لها الشوكة والقتال؛ ليظفركم بهم وينصركم عليهم، ويظهر دينه، ويرفع كلمة الإِسلام، ويجعله غالبًا على الأديان، وهو أعلم بعواقب الأمور، وهو الذي يدبركم بحسن تدبيره، وإن كان العباد يحبون خلاف ذلك فيما يظهر لهم، كما قال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾.

وقال محمد بن إسحاق (٣٤): حدثنى محمد بن مسلم الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا، عن عبد الله بن عباس - كل قد حدثني بعض هذا الحديث، فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر - قالوا: لما سمع رسول الله، ، بأبي سفيان مقبلًا من الشام ندب المسلمين إليهم. وقال: "هذه عِيرُ قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها [٢]؛ لعل الله أن ينفلكموها"، فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله، ، يلقى حربًا، وكان أبو سفيان قد استنفر حين دنا من الحجاز يتجسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان، تخوفًا على أمر الناس، حتى أصاب خبرًا من بعض الركبان: أن محمدًا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك، فَحَذِرَ عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه إلى أهل [٣] مكة، وأمره أن يأتي قريشًا، فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدًا قد عرض لها في أصحابه، فخرج


= (٢/ ٣٥٧ العلمية). ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٣/ ١٦٩) للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبي يعلى ٢٣٧٣ - (٤/ ٢٦١)، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني ١١٧٣٣ - (١١/ ٢٧٩)، وأبي الشيخ، وابن مروديه.
(٣٤) - رواه ابن جرير في تفسيره (١٣/ ١٥٧٢٠). وهو في السيرة لابن هشام (٢/ ٢٥٧، ٢٥٨ ثم ٢/ ٢٦٦، ٢٦٧) وتاريخ الطبري (٢/ ٢٧٠، ٢٧٣).