للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)

قال الإِمام أحمد (٣٥): حدثنا أبو نوح قراد، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك الحنفي أبو زُمَيل، حدثني ابن عباس، حدثني عمر بن الخطاب ، قال: لما كان يوم بدر نظر النبي، ، إلى أصحابه، وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي، ، القبلة [ثم مَدَّ يديه] [١]، وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: " [اللهم، أين ما وعدتني] [٢]. اللهم، [أنجز لي ما وعدتني] [٣] اللهم؛ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإِسلام فلا تعبد في الأرض أبدًا". قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر، فأخذ [رداءه فردَّاه] [٤]- ألبسه [٥]- ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله؛ كفاك [٦] مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله ﷿: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾. فلما كان يومئذ التقوا، فهزم الله المشركين، فقُتل منهم سبعون رجلًا، وأسر منهم سبعون رجلًا، واستشار رسول الله أبا بكر وعمر وعليًّا، فقال أبو بكر:

يا رسول الله، هؤلاء بنو العم [] [٧] والعشيرة والإِخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية؛ فيكون ما أخذناه منهم قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدًا. فقال رسول الله : "ما ترى يا بن الخطاب" قال: قلت: والله [٨] ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضربَ عنقه، وتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان - أخيه - فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أن ليس هي قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم. فَهَوِي رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، وأخذ منهم الفداء. فلما كان من الغد - قال عمر: - فغدوت [٩] إلى النبي، صلى الله عليه


(٣٥) - رواه أحمد في المسند (١/ ٣٠) ومسلم برقم (١٧٦٣) وأبو داود برقم (٢٦٩٠) والترمذي برقم (٣٠٨١)، وابن جرير (١٣/ ١٥٧٣٤).