قال الإِمام أحمد (٣٥): حدثنا أبو نوح قراد، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك الحنفي أبو زُمَيل، حدثني ابن عباس، حدثني عمر بن الخطاب ﵁، قال: لما كان يوم بدر نظر النبي، ﷺ، إلى أصحابه، وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي، ﷺ، القبلة [ثم مَدَّ يديه][١]، وعليه رداؤه وإزاره ثم قال:" [اللهم، أين ما وعدتني][٢]. اللهم، [أنجز لي ما وعدتني][٣] اللهم؛ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإِسلام فلا تعبد في الأرض أبدًا". قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر، فأخذ [رداءه فردَّاه][٤]- ألبسه [٥]- ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله؛ كفاك [٦] مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله ﷿: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾. فلما كان يومئذ التقوا، فهزم الله المشركين، فقُتل منهم سبعون رجلًا، وأسر منهم سبعون رجلًا، واستشار رسول الله ﷺ أبا بكر وعمر وعليًّا، فقال أبو بكر:
يا رسول الله، هؤلاء بنو العم [][٧] والعشيرة والإِخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية؛ فيكون ما أخذناه منهم قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدًا. فقال رسول الله ﷺ:"ما ترى يا بن الخطاب" قال: قلت: والله [٨] ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضربَ عنقه، وتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان - أخيه - فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أن ليس هي قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم. فَهَوِي رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، وأخذ منهم الفداء. فلما كان من الغد - قال عمر: - فغدوت [٩] إلى النبي، صلى الله عليه
(٣٥) - رواه أحمد في المسند (١/ ٣٠) ومسلم برقم (١٧٦٣) وأبو داود برقم (٢٦٩٠) والترمذي برقم (٣٠٨١)، وابن جرير (١٣/ ١٥٧٣٤).