للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم، وأبي [١] بكر وهما يبكيان، فقلت: يا رسول الله، ما [٢] يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيتُ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. قال النبي : "الذي [٣] عرض على أصحابك [٤] مولى أخذهم الفداء، قد عرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة" لشجرة قريبة، وأنزل الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ﴾ من الفداء، ثم أحلَّ لهم الغنائم. فلما كان يوم أحد من العام المقبل، عوقبوا بما صنعوا يوم بدر، من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي عن النبي ، وكسرت رباعيته، وهُشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، فأنزل الله: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، بأخذكم الفداء.

ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طرق، عن عكرمة بن عمار به. وصححه على بن المديني والترمذي، وقالا: لا يعرف إلا من حديث عكرمة بن عمار اليمامي [٥] ".

وهكذا روى على بن أبي طلحة والعوفي، عن ابن عباس؛ أن هذه الآية الكريمة، قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾ أنها في دعاء النبي، ، وكذا قال يزيد بن تبيع والسدي وابن جريج.

وقال أبو بكر بن عياش (٣٦)، عن أبي حصين، عن أبي صالح، قال: لما كان يوم بدر جعل النبي، ، يناشد ربه أشد النِّشدَة، يدعو، فأتاه عمر بن الخطاب ، فقال: يا رسول الله، بعض نِشْدَتك، فوالله ليفين الله لك بما وعدك.

وقال البخاري (٣٧) في "كتاب المغازي" باب قول الله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل، عن مخارق، عن طارق [بن شهاب] [٦]؛ قال: سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا؛ لأن أكون صاحبه أحب إليّ مما عُدل به، أتى النبي


(٣٦) - رواه ابن جرير في تفسيره (١٣/ ١٥٧٤١).
(٣٧) - صحيح البخاري برقم (٣٩٥٢).