للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن النوّاس بن سمعان، به.

وهو إسناد حسن صحيح، والله أعلم.

وقال مجاهد (١٥٦): ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ قال: الحق. وهذا أشمل، ولا منافاة بينه وبين ما تقدم.

وروى ابن أبي حاتم وابن جرير (١٥٧)، من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم، حدثنا [١] حمزة بن المغيرة، عن عاصم الأحول، عن أبي العالية: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ قال: هو النبي وصاحباه من بعده. قال عاصم: فذكرنا ذلك للحسن، فقال: صدق أبو العالية، ونصح.

وكل هذه الأقوالِ صحيحةٌ، وهي متلازمة؛ فإن من اتبع النبي واقتدى باللذين من بعده أبي بكر وعمر - فقد اتبع الحق، ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن، وهو كتاب الله وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلها صحيحة يصدّق بعضها بعضا، ولله الحمد.

وقال الطبراني (١٥٨): حدثنا محمد بن الفضل السقطي، حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال ﴿الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ الذي تركنا عليه رسول الله .

ولهذا قال الإمام أبو جعفر بن جرير : والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي -أعنى- ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أن يكون معنيًّا به: وفقنا للثبات على ما ارتضيته، ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل، وذلك هو الصراط المستقيم؛ لأنّ من وفق لما وفق له من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين [٢] فقد وفق للإسلام، وتصديق الرسل والتمسك بالكتاب، والعمل بما أمره الله به والانزجار عما زجره عنه، واتباع منهاج النبي


= حديث ٢٨٥٩، النسائي، في الكبرى برقم (١١٢٣٣)، وأحمد ١٧٦٨٧ - (٤/ ١٨٢)، وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان (١/ ٧٣).
(١٥٦) - ابن أبي حاتم (٣٥).
(١٥٧) - تفسير ابن أبي حاتم ٣٤ - (١/ ٢١)، وتفسير ابن جرير ١٨٤ - (١/ ١٧٥)، وأورده السيوطي في الدر المنثور، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن عدي، وابن عساكر. ورواه الحاكم عن أبي العالية عن ابن عباس وصححه (٢/ ٢٥٩).
(١٥٨) - المعجم الكبير ١٠٤٥٤ - (١٠/ ٢٤٥) وسنده صحيح.