للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر ابن عساكر (٤٠) في ترجمة مؤذن لعمر بن عبد العزيز عن مسلم ابن يسار، عن عائشة : أن رسول الله كان إذا غضبت أخذ بأنفها وقال: "يا عويش، قولي: اللهم رب النبي محمد، اغفر ذنبي، وأذهب غيط قلبي، وأجرني من مضلات الفتن".

ساقه من طريق أبي أحمد الحاكم، عن الباغندي، عن هشام بن عمار، حدثنا عبد الرحمن ابن أبي الجون [١] عنه.

﴿ويتوب اللَّه على من يشاء﴾ أي: من عباده ﴿والله عليم﴾ أي: بما يصلح عباده ﴿حكيم﴾ في أفعاله، وأقواله الكونية، والشرعية، فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو العادل الحاكم الذي لا يجور أبدًا ولا يضيع مثقال ذرة من خير وشر، بل يجازي عليه في الدنيا والآخرة.

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦)

يقول تعالى: أم حسبتم أيها المؤمنون، أن نترككم مهملين لا نختبركم بأمور يظهر فيها أهل العزم الصادق من الكاذب؛ ولهذا قال: ﴿ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون اللَّه ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة﴾ أي: بطانة ودخيلة، بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله ولرسوله، فاكتفى بأحد القسمين عن الآخر، كما قال الشاعر:

وما أدري إذا يممت أرضًا … أريد الخير أيهما يليني

وقد قال الله تعالى في الآية الأخرى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)﴾، وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)﴾، وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ الآية.


(٤٠) - تاريخ دمشق (١٩/ ٣٣٥ "المخطوط") ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق أبي العميس عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة ومن طريق سلمة بن علي عن هشام بن عروة عن عائشة.