جاء معه للفتح، وهو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب، ومعه الذين أسلموا من أهل مكة، وهم الطلقاء في ألفين أيضًا [١]، فسار بهم إلى العدو، فالتقوا بواد بين مكة والطائف يقال له حنين، فكانت فيه الوقعة في أول النهار في غلس الصبح، انحدروا في الوادي، وقد كمنت فيه هوازن، فلما تواجهوا لم يشعر المسلمون إلا بهم قد ثاوروهم [٢]، ورشقوا بالنبال، وأصلتوا السيوف، وحملوا حملةَ رجلٍ واحد، كما أمرهم ملكهم، فعند ذلك ولى المسلمون مدبرين، كما قال الله ﷿ وثبت رسول الله ﷺ وهو راكب يومئذ بغلته الشهباء يسوقها إلى نحر العدو، والعباس عمه آخذ بركابها الأيمن، وأبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب آخذ بركابها الأيسر يثقلانها لئلا تسرع السير، وهو ينوه باسمه ﵊ ويدعو المسلمين إلى الرجعة، "أين يا عباد الله؟ إليَّ أنا رسول الله". ويقول في تلك الحال:
"أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب".
وثبت معه من أصحابه قريب من مائة، ومنهم عن قال: ثمانون، فمنهم: أبو بكر وعمر، ﵄ والعباس، وعلي، والفضل بن عباس، وأبو سفيان بن الحارث، وأيمن بن أم أيمن، وأسامة بن زيد وغيرهم ﵃ ثم أمر [رسول الله][٣]ﷺ عمه العباس وكان جهير الصوت أن ينادي بأعلى صوته: يا أصحاب الشجرة - يعني شجرة بيعة الرضوان التي بايعه المسلمون من المهاجرين والأنصار تحتها، على أن لا يفروا عنه - فجعل ينادي بهم: يا أصحاب السمرة، ويقول تارة: يا أصحاب سورة البقرة؛ فجعلوا يقولون: يا لبيك، يا لبيك، وانعطف الناس، فجعلوا يتراجعون إلى رسول الله ﷺ، حتى إن الرجل منهم إذا لم يطاوعه بعيره على الرجوع لبس درعه ثم انحدر عنه، وأرسله ورجع بنفسه إلى رسول الله، ﷺ، فلما اجتمعت [٤] شرذمة منهم، [عند رسول الله ﷺ][٥] أمرهم ﵇ أن يصدقوا الحملة، وأخذ قبضة من التراب بعد ما دعا ربه واستنصره، وقال:"اللهم، أنجز لي ما وعدتني".
ثم رمى القوم بها، فما بقي إنسان منهم إلا أصابه منها في عينيه وفمه ما شغله عن القتال، ثم انهزموا فاتبع المسلمون أقفاءهم يقتلون: يأسرون، وما تراجع بقية الناس إلا
= ابن عباس. وقال البوصيري في الزوائد (٢/ ٤١٢): "هذا إسناد ضعيفٌ لضعف أبي سلمة العاملي الأزدي وعبد الملك بن محمَّد الصنعاني". وقال الألباني: ضعيفٌ جداً لكن شطره الثاني صحيح من وجه آخر.