للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جريج، عن مجاهد: هذه أول آية نزلت من براءة، يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم، وإحسانه لديهم، في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله، وأن ذلك من عنده تعالى، وبتأييده وتقديره لا بعَددهم [١]، ولا بعُددهم، ونبههم على أن النصر من عنده سواء قل الجمع أو كثر، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئًا، فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله ، ثم أنزل نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه كما سنبينه إن شاء الله تعالى مفصلاً، ليعلمهم أن النصر من عنده تعالى وحده، وبإمداده وإن قل الجمع، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين.

وقد قال الإِمام أحمد (٥٧): حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت يونس يحدث عن الزهريّ، عن عبيد الله، عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله : "خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن تغلب اثنا عشر ألفًا من قلة".

وهكذا رواه أبو داود والترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن غريب [لا يسنده كبير] [٢] أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي عن الزهريّ عن النبي مرسلًا.

وقد رواه ابن ماجه والبيهقي وغيره (٥٨)، عن أكثم بن الجون، عن رسول الله بنحوه، والله أعلم.

وقد كانت وقعة حنين بعد فتح مكة في شوال سنة ثمان من الهجرة، وذلك لما فرغ من فتح مكة، وتمهدت أمورها، وأسلم عامة أهلها، وأطلقهم رسول الله ، فبلغه أن هوازن جمعوا له ليقاتلوه، وأن [٣] أميرهم مالك بن عوف النضري، ومعه ثقيف بكمالها، وبنو جشم، وبنو سعد بن بكر، وأوزاع من بني هلال، وهم قليل، وناس من بني عمرو بن عامر، وعوف بن عامر، وقد أقبلوا ومعههم النساء والولدان والشاء والنعم، وجاءوا [بقضهم وقضيضهم] [٤]، فخرج إليهم رسول الله في جيشه الذي


(٥٧) - المسند (١/ ٢٩٤) رقم (٢٦٨٢)، وسنن أبي داود برقم (٢٦١١)، وسنن الترمذي برقم (١٥٥٥). ورواه ابن خزيمة في صحيحه (٤/ ١٤٠)، وابن حبان، (١٧/ ١١)، والحاكم (١/ ٦١١، ٢/ ١١٠)، وأبو يعلى (٤/ ٤٥٩).
(٥٨) سنن ابن ماجة برقم (٢٨٢٧)، وسنن البيهقي الكبرى (٩/ ٢٦٣) من طريق أبي سلمة العاملى عن الزهريّ، عن أنس: أن رسول الله، ، قال لأكثم بن جون … فذكر نحو حديث =