للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال] [١] محمَّد بن إسحاق: حدثني والدي إسحاق بن يسار، عمن حدثه، عن جبير ابن مطعم قال: إنا لمع رسول الله يوم حنين، والناس يقتتلون، إذ نظرت إلى مثل البجاد [٢] الأسود يهوي من السماء حتى وقع بيننا وبين القوم، فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي، فلم يكن إلا هزيمة القوم، فما كنا نشك أنها الملائكة.

وقال سعيد بن السائب بن يسار، عن أبيه قال: سمعت يزيد بن عامر السوائي، وكان شهد حنينًا مع المشركين ثم أسلم بعد، فكنا نسأله عن الرعب الذي ألقى الله في قلوب المشركين يوم حنين - فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطست فيطن [٣] فيقول: كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.

وقد تقدم له شاهد من حديث يزيد بن أبي أسيد، فالله أعلم.

وفي صحيح مسلم (٦٣) عن محمَّد بن رافع، عن عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن همام؛ قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة [قال: قال] [٤] رسول الله []: [٥] "نصرت بالرعب وأوتيت جوامع الكلم". ولهذا قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ [٦] اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾.

وقوله: ﴿ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قد تاب الله على بقية هوازن وأسلموا [٧] وقدموا عليه مسلمين، ولحقوه وقد قارب مكة عند الجعرانة، وذلك بعد الوقعة بقريب من عشرين يومًا، فعند ذلك خيره بين سبيهم وبين أموالهم، فاختاروا سبيهم، وكانوا ستة آلاف أسير مِن [٨] بين صبي وامرأة، فرده عليهم وقسم أموالهم [٩] بين الغانمين، ونفل أناسًا من الطلقاء؛ ليتألف قلوبهم على الإِسلام، فأعطاهم مائة مائة من الإِبل، وكان من جملة من أعطى مائة مالك بن عوف النضري واستعمله على قومه كما كان، فامتدحه بقصيدته التي يقول فيها:

مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ … في النَاسِ كُلِّهمُ بمثْلِ محمدِ


(٦٣) - صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم (٥٢٣).