للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)

وهذا إغراء من الله تعالى للمؤمنين على قتال المشركين الكفار من اليهود والنصارى، لمقالتهم هذه المقالة الشنيعة والفرية على الله تعالى، فأما اليهود فقالوا في العزير: إنه ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. وذكر السدي وغيره: أن الشبهة التي حصلت لهم في ذلك: أن العمالقة لما غلبت على بني إسرائيل، فقتلوا علماءهم وسبوا كبارهم، بقي العزير يبكي على بني إسرائيل وذهاب العلم منهم، حتى سقطت جفون عينيه، فبينا [١] هو ذات يوم إذ مر على جبانة، وإذا امرأة تبكي عند قبر وهي تقول: وامطعماه! واكاسياه! فقال لها: ويحك! من كان يطعمك قبل هذا؟ قالت: الله. قال: فإن الله حي لا يموت. قالت: يا عزير، فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل؟ قال: الله. قالت: فلم تبكي عليهم؟! فعرف أنه شيء قد وعظ به، ثم قيل له: اذهب إلى نهر كذا فاغتسل منه وصل هناك ركعتين، فإنك ستلقى هناك شيخاً فما أطعمك فكله، فذهب ففعل ما أمر به، فإذا الشيخ [٢] فقال له: افتح فمك، ففتح فمه فألقى فيه شيئاً كهيئة الجمرة العظيمة ثلاث مرات، فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة، [فقال: يا بني إسرائيل، قد جئتكم بالتوراة] [٣]. فقالوا: يا عزيرُ، ما كنت كذابًا! فعمد فربط على أصبع من أصابعه قلمًا، وكتب التوراة بأصبعه كلَّها، فلما تراجع الناس من عدوهم، ورجع العلماء أخبروا بشأن عزير، فاستخرجوا النسخ التي كانوا أودعوها في الجبال وقابلوها [٤] بها، فوجدوا ما جاء به صحيحًا، فقال بعض جهلتهم: إنما صنع هذا لأنه ابن الله!!

وأما ضلال النصارى في المسيح فظاهر، ولهذا كذب الله سبحانه الطائفتين فقال: ﴿ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ أي: لا مستند لهم فيما ادّعوه سوى افتراء لهم واختلاقهم [٥] ﴿يُضَاهِئُونَ﴾ أي: يشابهون ﴿قول الذين كفروا من قبل﴾ أي: من قبلهم من الأمم، ضلوا كما ضل هؤلاء [] [٦] ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ قال ابن عباس: العنهم لله ﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ؟﴾ أي: كيف يضلون عن الحق وهو ظاهر، ويعدلون إلى الباطل؟


[١]- في خ: "فبينما".
[٢]- في ز: "شيخ".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٤]- في ز: "وقابلوه".
[٥]- في ز، خ: "واختلافهم".
[٦]- ما بين المعكوفتين في ز: "من".