للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله [١]: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾.

روى الإِمام أحمد والترمذي وابن جرير (٧٠): من طرق، عن عدي بن حاتم، : أنه لما بلغته دعوة رسول الله، ، فرَّ إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه، ثم منّ رسول الله، ، على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها ورغبته [٢] في الإِسلام، وفي القدوم على رسول الله، ، فقدم عدي إلى [٣] المدينة، وكان رئيسًا في قومه طيئ، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله، وفي عنق عدي صليب من فضة - فقرأ رسول الله هذه الآية ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ قال: فقلت: إنهم لم يعبدوهم. فقال: "بلى، إنهم حرموا عيهم الحلال، وحللوا [٤] لهم الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم".

وقال رسول الله، : "يا عدي، ما تقول؟ أَيُفِرُّك أن يقال: الله أكبر؟ فهل تعلم شيئًا أكبر من الله؟ ما يفرك؟ أيفرك أن يقال: لا إله إلا الله؟ فهل تعلم [مِنْ إله إلا] [٥] الله؟ ". ثم دعاه إلى الإِسلام، فأسلم وشهد شهادة الحق، قال: فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال [٦]: "إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون".

وهكذا قال حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عباس وغيرهما في تفسير: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾: إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا.

وقال السدي: استنصحوا الرجال وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم.

ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ أي: الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام، وما حلله [فهو الحلال] [٧]، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ.


(٧٠) - سنن الترمذي برقم (٣٠٩٥) وتفسير الطبري (١٤/ ٢٠٩ - ٢١١) (١٤/ ١٦٦٣١، ١٦٦٣٣) من طريق عبد السلام بن حرب، عن غطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم، ، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث". وضعف - غطيف - الدارقطني.