للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [١] سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي: تعالى وتقدس وتنزه عن الشركاء والنظراء، والأعوان، والأضداد، والأولاد، لا إله إلا هو ولا ربَّ سواه.

﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)

يقول تعالى: يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب ﴿[أَنْ يُطْفِئُوا] [٢] نُورَ اللَّهِ﴾ أي: ما بعث به رسول الله، ، من الهدى ودين الحق، بمجرد جدالهم وافترائهم، فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس، أو نورَ القمر بنفخة، وهذا لا سبيل إليه، فكذلك ما أرسل به رسول الله، ، لابد أن يتم ويظهر؛ ولهذا قال تعالى مقابلًا لهم فيما راموه وأرادوه ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

والكافر: هو الذي يستر الشيء ويغطيه، ومنه سمي الليل كافرًا [٣]؛ لأنه يستر الأشياء، والزارع كافرًا [٤]؛ لأنه يغطي الحَبَّ في الأرض، كما قال (يعجب الكفار نباته).

ثم قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ فالهدى: هو ما جاء به من الإِخبارات [٥] الصادقة، والإِيمان الصحيح، والعلم النافع، ودين الحق: هو [٦] الأعمال الصالحة [٧] الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة.

﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ أي: على سائر الأديان، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله، ، أنه قال: "إن الله زوى (*) لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها" (٧١).


(٧١) - صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة برقم ١٩ - (٢٨٨٩) من حديث ثوبان .
(*) أي: جمع. وفعله: زويته أزويه زَيًّا.