للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك تام.

قال: "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ﷿، ثم يبعث الله ريحًا طيبة، [فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان] [١]، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم".

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)

قال السدي: الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى. وهو كما قال؛ فإن الأحبار هم علماء اليهود؛ كما قال تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ والرهبان: عباد النصارى، والقسيسون: علماؤهم؛ كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.

والمقصود: التحذير من علماء السوء وعباد الضلالة [٢]، كما قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. وفي الحديث الصحيح (٧٧): " لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم حَذْوَ القُذَّةِ (*) بالقذة". قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " وفي رواية: فارس والروم؟ قال: "فمن [٣] الناس إلا هؤلاء؟ ".

والحاصل: التحذير من التشبه بهم في [أحوالهم وأقوالهم]؛ ولهذا قال تعالى:


(٧٧) - رواه بمعناه ونحوه البخاري في صحيحه برقم (٣٤٥٦) ومسلم في صحيحه برقم (٢٦٦٩).
(*) في النهاية [٤/ ٢٨]: القُذَد: ريش السهم، واحدتها قُذَّة - أي: كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلًا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.