للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأرض". تقريرٌ منه، صلوات الله وسلامه عليه، وتثبيت للأمر على ما جعله الله تعالى في أول الأمر، من غير تقديم ولا تأخير، ولا زيادة ولا نقص، ولا نسيء ولا تبديل، كما قال في تحريم مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة". وهكذا قال هاهنا: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض".

أي الأمر اليوم شرعًا كما ابتدأ الله ذلك في كتابه يوم خلق السموات والأرض.

وقد قال بعض المفسرين والمتكلمين على هذا الحديث: إن المراد بقوله: "قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" أنه اتفق أن حج رسول الله، ، في تلك السنة في ذي الحجة، وأن العرب قد كانت نسأت النسيء يحجون في كثير من السنين - بل أكثرها - في غير ذي الحجة، وزعموا أن حجة الصديق في سنة تسع كانت في ذي القعدة، وفي هذا نظر كما سنبينه إذا تكلمنا على النسيء.

وأغرب منه ما رواه الطبراني عن بعض السلف في جملة حديث: أنه اتفق حج المسلمين واليهود والنصارى في يوم واحد، وهو يوم النحر عام حجة الوداع، والله أعلم.

(فصل) ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه: (المشهور في أسماء الأيام والشهور) أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرًا محرمًا - وعندي أنه سمي بذلك تأكيدًا لتحريمه؛ لأن العرب كانت تتقلب [١] به، فتحله عامًا وتحرمه عامًا - قال: ويجمع على محرمات ومحارم ومحاريم.

وصفر سمي بذلك؛ لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والأسفار، يقال: صفر المكان إذا خلا، ويجمع على أصفار كجمل وأجمال.

و [٢] شهر ربيع الأول سمي بذلك لارتباعهم فيه، والارتباع: الإقامة في [٣] عمارة الربع، ويجمع على أربعاء، كنصيب وأنصباء، وعلى أربعة، كرغيف وأرغفة. وربيع الآخر كالأول.

وجمادى سمي بذلك لجمود الماء فيه. قال: وكانت الشهور في حسابهم لا تدور، وفي هذا نظر، إذ كانت شهورهم منوطة بالأهلة، [ولا بد] [٤] من دورانها، فلعلهم سموه بذلك [أول ما] [٥] سمي عند جمود الماء في البرد، كما قال الشاعر:


[١]- في ز: "تتغلب".
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- في ز: "من".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ت: "فلابد".
[٥]- ما بين المعكوفتين في ز: "أو".