للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُرَجى أَنْ أَعِيشَ وإِن يَومِي … بِأَوَّل أَوْ بأَهْون أَوْ جبَار

أوِ التالِي دبَار فإنْ أَفُتْهُ [١] … فَمُؤنس أَوْ عروبة أوْ شيار

وقوله تعالى: ﴿منها أربعة حرم﴾ فهذا مما كانت العرب أيضًا في الجاهلية تحرمه، وهو الذي كان عليه جمهورهم إلا طائفة منهم، يقال لهم: البسل، كانوا يحرمون من السنة ثمانية أشهر تعمقًا وتشديدًا.

وأما قوله: "ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مُضَر الذي بين جمادى وشعبان" [فإنما أضافه إلى مضر ليبين صحة قولهم في رجب: إنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان] [٢]، لا كما كانت تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال وهو رمضان اليوم، فبين، ، أنه رجب مضر لا رجب ربيعة، وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سرد وواحد فرد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحرم قبل شهر الحج شهر [٣] وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي [٤] الحجة؛ لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون بأداء المناسك، وحرم بعده شهر آخر وهو المحرم ليرجعوا [٥] فيه إلى نائي [٦] أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول؛ لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنًا.

وقوله: ﴿ذلك الدين القيم﴾ أي: هذا هو الشرع المستقيم، من امتثال أمر الله فيما جعل من الأشهر الحرم، والحذو بها على ما سبق في كتاب الله الأول.

وقال [٧] تعالى: ﴿فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾ أي: في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها [٨] أكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف؛ لقوله تعالى: ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قتل في الحرم أو قتل ذا محرم.

وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس في


[١]- في ز: "أفنه".
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٣]- في خ: "شهرًا".
[٤]- سقط من: ز.
[٥]- في ز: "ليرجعون".
[٦]- في ز، خ: "تالي".
[٧]- في خ: "قال".
[٨]- في ز: "لأنه".