للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: ﴿فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾ قال: في الشهور كلها.

وقال على بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾. الآية. ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ في كلهن، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر، نجعلهن حرامًا وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم. والعمل الصالح والأجر أعظم.

وقال قتادة في قوله: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم [فيما سواها] [١]، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء، وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه؛ اصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله. فإنما يُعَظِّمُ [٢] الأمورَ [٣] ما [٤] عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.

وقال الثوري، عن قيس بن مسلم، عن الحسن، عن [٥] محمد بن الحنفية: بأن لا تحرموهن كحرمتهن.

وقال محمد بن إسحاق: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: لا تجعلوا حرامها حلالًا، ولا [٦] حلالها حرامًا، كما فعل أهل الشرك، فإنما النسيء الذي كانوا يصنعون من ذلك زيادة في الكفر ﴿يضل به الذين كفروا﴾. الآية.

وهذا القول اختيار ابن جرير.

وقوله: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ أي: جميعكم ﴿كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ أي: جميعهم ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.

وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام هل هو منسوخ أو محكم؟ على قولين:

أحدهما - وهو الأشهر - أنه منسوخ؛ لأنه تعالى قال هاهنا: ﴿فلا تظلموا فيهن


[١]- في ز: "مما سواه".
[٢]- في ت: "تعظم".
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- في ت: "بما".
[٥]- في ز: "بن".
[٦]- سقط من: ز.