للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ والآيات في هذا كثيرة.

﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨)

يقول تعالى محرضًا لنبيه، ، على المنافقين ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ﴾ أي: لقد أعملوا فكرهم، وأجالوا آراءهم في كيدك وكيد أصحابك، وخذلان دينك وإخماله [١] مدة طويلة؛ وذلك أول مقدم النبي، ، المدينة رمته العرب عن قوس واحدة [٢]، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها، فلما نصره الله يوم بدر وأعلى كلمته، قال عبد الله بن أُبيٍّ وأصحابه: هذا أمر قد توجه، فدخلوا في الإسلام طاهرًا، ثم كلما أعز الله الإسلام وأهله أغاظهم [٣] ذلك وساءهم، ولهذا قال تعالى: ﴿حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٤٩)

يقول تعالى: ومن المنافقين من يقول لك يا محمد: ﴿ائذن لي﴾ في القعود ﴿وَلَا تفتني﴾ بالخروج معك بسبب الجواري من نساء الروم. قال الله تعالى: ﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ أي: قد سقطوا في الفتنة بقولهم هذا، كما قال محمد بن إسحاق، عن الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم [بن عمر] [٤] بن قتادة، وغيرهم (١١٦) قالوا: قال رسول الله، ، ذات يوم، وهو في جهازه للجد بن قيس أخي بني سلمة: "هل لك لك جدّ العام في جلاد بني الأصفر؟ " فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبًا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن. فأعرض عنه رسول الله، ، وقال: "قد أذنت لك".

ففي الجد بن قيس نزلت هذه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي﴾ الآية. أي:


(١١٦) - رواه عنهم الطبري في تفسيره (١٤/ ٢٨٧).