للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٩)

وهذه أيضًا من صفات المنافقين لا يسلم أحد من عيبهم، ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا: هذا مُرَاءٍ، وإن جاء بشيء يسيرٍ قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا.

كما قال [١] البخاري (١٧٢): حدثنا عبيد الله بن سعيد [٢]، حدثنا أبو النعمان البصري، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود، ، قال: لما نزلت آية الصدقة، كنا نحامل [٣] على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مرائي، وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا: إن الله لغنى عن صدقة هذا. فنزلت [٤]: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾ الآية.

وقد [٥] رواه مسلم أيضًا في صحيحه من حديث شعبة، به.

وقال الإمام أحمد (١٧٣): حدثنا يزيد ثنا [٦] الجريري [٧]، عن أبي السليل قال: وقف علينا رجل في مجلسنا بالبقيع فقال: حدثني أبي أو عمي: أنه رأى رسول الله، ، بالبقيع، وهو يقول: "من يتصدق بصدقة أشهد له بها يوم القيامة؟ ". قال: فحللت من عمامتي لوثا أو لوثين، وأنا أريد أن أتصدق بهما، فأدركني ما يدرك ابنَ آدم فعقدت [٨] على عمامتي، فجاء رجل لم أر بالبقيع رجلاً أشد منه سوادًا، [ولا أصغر] [٩] منه ولا أَدَمَّ [بعين منه]، ببعير ساقه، لم أر بالبقيع ناقة أحسن منها [١٠]، فقال: يا رسول الله،


(١٧٢) - صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب: اتقوا النار رقم (١٤١٥)، وصحيح مسلم، كتاب الزكاة رقم (١٠١٨).
(١٧٣) - المسند (٥/ ٣٤) رقم (٢٠٤١٢) والجريري: ثقة، روى له البخاري ومسلم؛ إلا أنه اختلط، وسمع منه يزيد بن هارون بعد الاختلاط. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ١٢١) وعزاه لأحمد وقال: "وفيه رجل لم يسم"