للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصدقة؟ فقال [١]: "نعم". قال: دونك هذه الناقة. قال: فلمزه رجل فقال: هذا يتصدق بهذه، فو الله، لهي خير منه. قال: فسمعها رسول الله، ، فقال: "كذبت، بل هو خير منك ومنها". ثلاث مرات. ثم قال: "ويل لأصحاب المئين من الإبل" ثلاثًا، قالوا: إلا من يا رسول الله؟ قال: " [إلا - من قال] [٢] بالمال هكذا وهَكذا". وجمع بين كفيه عن يمينه وعن شماله، ثم قال: "قد أفلح المزهد المجهد" ثلاثًا. المزهد: في العيش، المجهد: في العبادة.

وقال على بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب! إلى رسول الله، ، وجاءه رجل من الأنصار بصاع من طعام، فقال بعض المنافقين: والله، ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلا رياءً، وقالوا: إن كان [٣] الله ورسوله لغنيين عن هذا الصاع (١٧٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس: إن رسول الله خرج إلى الناس يومًا، فنادى فيهم أن اجمعوا صدقاتكم، فجمع الناس صدقاتهم، ثم جاء رجل من آخرهم بصاع من تمر، فقال: يا رسول الله، هذا صاع من تمر، [بت ليلتي أجر بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر] [٤]، فأمسكت أحدهما وأتيتك بالآخر. فأمره رسول الله، ، أن ينثره في الصدقات، فسخر منه رجال وقالوا: إن الله ورسوله لغنيان عن هذا، وما يصنعان [٥] بصاعك من شيء. ثم إن عبد الرحمن بن عوف قال [لرسول الله، : هل بقي أحد من أهل الصدقات. فقال: له رسول الله : "لم يبق أحد غيرك". فقال له عبد الرحمن بن عوف: فإن] [٦] عندي مائة أوقية من ذهب [٧] في الصدقات. فقال له عمر بن الخطاب أمجنون أنت؟! قال: ليس بي جنون. قال: أفعلت [٨] ما فعلت؟! قال: نعم [٩]، مالي ثمانية آلاف: أما أربعة آلاف فأقرضها ربي، وأما أربعة آلاف فلي. فقال له رسول الله، : "بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت [١٠] ". ولمزه المنافقون فقالوا: والله ما أعطى عبد الرحمن عطيته إلا رياء، وهم كاذبون، إنما كان به متطوعًا، فأنزل الله ﷿ عذره [١١] وعذر صاحبه المسكين الذي


(١٧٤) - رواه الطبري في تفسيره (١٤/ ٣٨٢) رقم (١٧٠٠٣).