للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءوا فاعتذروا فلم يعذرهم الله. وكذا قال الحسن وقَتَادة ومحمد بن إسحاق. والقول الأول أظهر - والله أعلم - لما قدمنا من قوله بعده: ﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي: وقعد آخرون من الأعراب عن المجيء للاعتذار، ثم أوعدهم بالعذاب الأليم فقال: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٩٣)

ثم بين تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها [١] عن القتال، فذكر منها: [ما هو لازم] [٢] للشخص لا ينفك عنه وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد، ومنه العمى والعرج ونحوهما؛ ولهذا بدأ به، ومنها [٣] ما هو عارض بسبب مرض عنّ له في بدنه شغله عن الخروج فى سبيل الله، أو بسبب فقره لا يقدر على التجهز [٤] للحرب، فليس على هؤلاء حرج اٍ ذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم، ولم يرجفوا بالناس، ولم [٥] يثبطوهم، وهم محسنون في حالهم هذا؛ ولهذا قال: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

وقال سفيان الثَّوري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ثمامة، ، قال: قال الحواريون: يا روح الله، أخبرنا عن الناصح لله؟ قال: الذي يؤثر حق الله على حق الناس، وإذا حدث له أمران، أو بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة، بدأ بالذي للآخرة، ثم تفرغ [٦] للذي للدنيا.

وقال الأوزاعي: خرج الناس للاستسقاء، فقام فيهم بلال بن سعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر من حضر، ألستم مقرين بالإِساءة؟ قالوا: اللهم، نعم. فقال:


[١]- في خ: "فيها".
[٢]- في ز: "لازمًا".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- فى خ: "التجهيز".
[٥]- في ز: "ولا".
[٦]- في ت: "يفزع".