أخبر تعالى أن في الأعراب [كفارًا ومنافقين ومؤمنين][١]، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد ﴿وَأَجْدَرُ﴾ أي: أحرى ﴿أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ كما قال الأعمَش، عن إبراهيم؛ قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم "نهاوند"، فقال الأعرابي: والله إن حديثك ليعجبني، وإن يدك لتريبني. فقال زيد: ما يريبك من يدي إنها الشمال؟ فقال الأعرابى: والله ما أدري اليمين يقمون أو الشمال. فقال زيد بن صوحان: صدق الله [][٢] ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾.
وقال الإِمام أحمد (٢١٣): حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثنا سفيان، عن أبي موسى، عن وَهْب بن مُنَبِّه، عن ابن عبَّاس، عن رسول الله، ﷺ، قال:"من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن".
ورواه أَبو داود والتِّرمِذي والنَّسائي من طرق عن سفيان الثوري، به. وقال التِّرمِذي: حسن غريب لا نعرفه إلَّا من حديث الثَّوري.
ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي، لم يبعث الله منهم رسولًا، وإنما كانت البعثة من أهل القرى، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ [٣] قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي [٤] إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾. ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله، ﷺ،
(٢١٣) - المسند (١/ ٢٥٧)، وسنن أبي داود، كتاب الصيد، باب: اتباع الصيد رقم (٢٨٥٩)، وسنن الترمذي، كتاب الفتن رقم (٢٢٥٦)، وسنن النسائي كتاب الصيد والذبائح (٧/ ١٩٥).