للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرد عليه أضعافها حتى رضى، قال: "لقد هممت ألاَّ أقبل هدية إلا من قرشى أو ثقفي أو أنصاري أو دَوسِي" (٢١٤)؛ لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن [١]: مكة والطائف والمدينة واليمن، فهم ألطف أخلاقًا من الأعراب؛ لما في طباع الأعراب من الجفاء.

(حديث [الأعرابي في تقبيل الولد) قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قال: ثنا أبو أسامة وابن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله، ، فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم. قالوا: لكنا والله ما نقبل. فقال رسول الله، : "وأملِكُ إن كان الله نزع منكم الرحمة". وقال ابن نمير: "من قلبك الرحمة" (٢١٥)] [٢].

وقوله: ﴿والله عليم حكيم﴾ أي: عليم بمن يستحق أن يعلمه الإِيمان والعلم، حكيم فيما قسم بين عباده من العلم والجهل، والإِيمان والكفر والنفاق، لا يسأل عما يفعل لعلمه وحكمته.

وأخبر تعالى أن منهم ﴿من يتخذ [٣] ما ينفق﴾ أي: في سبيل الله ﴿مَغْرَمًا﴾ أي: غرامة وخسارة ﴿وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ﴾ أي: ينتظر بكم [٤] الحوادث والآفات ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ أي: هي منعكسة عليهم، والسوء دائر عليهم ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ أي: سميع لدعاء عباده، عليم بمن يستحق النصر ممن يستحق الخذلان.

وقوله: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾ هذا هو القسم الممدوح من الأعراب وهم: الذين يتخذون ما ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله، ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ﴿ألا إنها قربة لهم﴾ أي: ألا إن ذلك حاصل لهم ﴿سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم﴾.

﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)


(٢١٤) - رواه الترمذي فى المناقب، باب: في ثقيف وبني حنيفة، حديث (٣٩٤٥)، والنسائي فى العمرى حديث (٣٧٥٩)، وأحمد (٧٨٥٨)، ورواه بمعناه أبو داود في البيوع (٣٥٣٧).
(٢١٥) - صحيح مسلم، كتاب الفضائل رقم (٢٣١٧).