للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)

يخبر تعالى أنه عاوض [] [١] عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم اذ بذلوها في سبيله بالجنة، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه، فإنه قَبِلَ العوض عما [٢] يملكه بما تفضل به على عباده الممعين له؛ ولهذا قال الحسن البصري وقتادة: بايعهم - واللَّه - فأغلى ثمنهم.

وقال شمر بن عطية: ما من مسلم إلا وللَّه ﷿ في عنقه بيعة، وَفَّى بها أو مات عليها، ثم تلا هذه الآية، ولهذا يقال: من حمل في سبيل اللَّه بايع اللَّه، أي: قبل هذا العقد ووفَّى به.

وقال محمد بن كعب القرظى وغيره: قال عبد اللَّه بن رواحة، ، لرسول اللَّه، ، يعني ليلة العقبة -: اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال: "أشترط لربي أن كعبدوه [٣] ولا تشركوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم". قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: "الجنة". قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل، فنزلت ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ﴾ الآية.

وقوله: ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ أي: سواء قَتَلُوا [أو قُتِلُوا] [٤]، أو اجتمع لهم هذا وهذا فقد وجبت لهم الجنة؛ ولهذا جاء في الصحيحين: "وتكفل اللَّه لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وتصديق برسلي [٥]- بأن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعة إلى مسكنه [٦] الذي خرج منه، نائلًا ما نال من أجر أو غنيمة" (٢٥٤).


(٢٥٤) - صحيح البخاري، كتاب فرض الخمس رقم (٣١٢٣)، وصحيح مسلم كتاب الإمارة رقم (١٨٧٦).