للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ لتذكركم زيارتها خيرًا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية فاشربوا في أي وعاء شئتم، ولا تشربوا مسكرًا".

وروى ابن جرير (٢٦٤) من حديث علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أن النبي، ، لما قدم مكة أتى رسم قبر فجلس إليه فجعل يخاطب، ثم قام مستعبرًا، فقلنا: يا رسول اللَّه، إنا رأينا ما صنعت! قال: "إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي". فما رُئيَ باكيًا أكثر من يومئذ.

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره (٢٦٥): حدثنا أبي، حدثنا خالد بن خداش، حدثنا عبد اللَّه بن وهب، عن ابن جريج، عن أيوب بن هانئ عن مسروق، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: خرج رسول اللَّه ، يومًا إلى المقابر فاتبعناه، فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلًا، ثم بكى فبكينا لبكائه [١]، ثم قام فقام إليه عمر بن الخطاب فدعاه، ثم دعانا فقال: " ما أبكاكم؟ " فقلنا: بكينا لبكائك؟ قال: "إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي".

[ثم أورده من وجه آخر، ثم ذكر من حديث ابن مسعود قريبًا منه، وفيه] [٢]: "وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي وأنزل عليَّ ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ الآية. فأخذني ما يأخذ الولد للوالد [٣]، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تذكر الآخرة".

(حديث آخر في معناه) قال الطبراني: حدثنا محمد بن علي المروزي، حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب [٤]، حدثنا إسحاق بن عبد اللَّه بن كيسان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول اللَّه، ، لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر، فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه: "أن [٥] استندوا [٦] إلى العقبة حتى أرجع


(٢٦٤) - تفسير الطبري (١٤/ ٥١٢) رقم (١٧٣٣٠) ورواه البيهقي في دلائل النبوة (١/ ١٨٩) من طريق سفيان عن علقمة بن مرثد به نحوه.
(٢٦٥) - ورواه الحاكم في المستدرك من طريق بحر ابن نصر عن ابن وهب به نحوه (٢/ ٣٣٦) ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة (١/ ١٨٩).