للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله، ، حين حَلَفُوا فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك [١] قال الله ﷿: ﴿وعلى الثلاثة الذين خلفوا﴾ وليس تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا الذي ذكر مما خلفنا بتخلفنا عن الغزو، وإنما هو عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.

هذا حديث صحيح ثابت متفق على صحته، رواه صاحبا الصحيح: البخاري ومسلم من حديث الزهري بنحوه، فقد تضمن هذا الحديث تفسير هذه الآية الكريمة بأحسن الوجوه وأبسطها، وكذا روي عن غير واحد من السلف في تفسيرها، كما رواه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى: ﴿وعلى الثلاثة الذين خلفوا﴾ قال: هم كعب ابن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع [٢]، وكلهم من الأنصار.

وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد، وكلهم قال: مرارة بن ربيعة، وفي رواية عن سعيد بن جبير: ربيع بن مرارة.

وقال الحسن [البصري] [٣]: [ربيع بن مرارة بن ربيع] [٤] [وكذا في مسلم: ربيعة في بعض نسخه وفي بعضها مرارة بن الربيع] [٥].

وفي رواية عن الضحاك: مرارة بن الربيع، كما وقع في الصحيحين وهو الصواب.

وقوله: فسمَّوا رجلين شهدا بدرًا، قيل: إنه خطأ من الزهري، فإنه لا يعرف شهود واحد من هؤلاء الثلاثة بدرًا، والله أعلم.

ولما ذكر تعالى ما فرج به عن هؤلاء الثلاثة من الضيق والكرب، من هجر المسلمين إياهم نحوًا من خمسين ليلة بأيامها، وضاقت عليهم أنفسهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت - أي: مع سعتها - فسددت عليهم المسالك والمذاهب، فلا يهتدون ما يصنعون، فصبروا لأمر الله واستكانوا لأمر الله، وثبتوا حتى فرج الله عنهم بسبب صدقهم رسول الله، ، في تخلفهم، وأنه كان عن غير عذر، فعوقبوا على ذلك هذه المدة ثم تاب الله عليهم، فكان عاقبة صدقهم خيرًا لهم وتوبة عليهم؛ ولهذا قال: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ أي: اصدقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله، وتنجوا من المهالك، ويجعل لكم فرجًا من أموركم ومخرجًا.


[١]- في خ: "فلذلك".
[٢]- في ز: "ربيعة".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من خ.
[٤]- في ز: "ربيع بن مرار، أو مرار بن ربيع".
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز.