للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دين الله أفواجًا - شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزورة العرب، وأولى الناس بالدعوة إلى الإِسلام؛ لكونهم [١] أهل الكتاب، فبلغ تبوك ثم رجع، لأجل جهد الناس وجدب البلاد [٢] وضيق الحال، وكان ذلك سنة تسع من هجرته .

ثم اشتغل في السنة العاشرة [بحجته حجة] [٣] الوداع، ثم عاجلته المنية، صلوات الله وسلامه عليه، بعد حجته [٤] بأحد وثمانين يومًا، فاختاره الله لما عنده.

وقام بالأمر بعده وزيره وصديقه وخليفته أَبو بكر الصديق [٥]، ، وقد مال الدين ميلة كاد أن ينجفل [٦] فثبته الله تعالى به، فوطد [٧] القواعد وثبت الدعائم، وردّ شارد الدين وهو راغم، ورد أهل الردة إلى الإِسلام، وأخذ الزكاة ممن منعها من الطغام [٨]، وبين الحق لمن جهله، وأدَّى عن الرسول ما حمله، ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفرس عبدة النيران، ففتح الله ببركة سفارته البلَاد، وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد، وأنفق كنوزهما في سبيل الله كما أخبر بذلك رسول الإله [٩].

وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده، وولي عهده الفاروق الأواب، شهيد المحراب، أبي حفص عمر بن الخطاب، ، فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين، وقمع الطغاة والمنافقين، واستولى على الممالك شرقًا وغربًا، وحملت إليه خزائن الأموال من سائر الأقاليم بعدًا وقربًا، ففرقها على الوجه الشرعي، والسبيل المرضي.

ثم لما مات شهيدًا، وقد عاش حميدًا، أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ، شهيد الدار، فكسا الإسلام رياسة حلة سابغة، وامتدت [] [١٠] في سائر الأقاليم على رقاب العباد - حجة الله البالغة، فظهر الإِسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وعلَتْ كلمة الله وظهر دينُه، وبلغت الأمة [١١] الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها، فكلما [١٢] علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم، ثم الذين


[١]- في ت: "لأنهم".
[٢]- في ز، خ: "الناس".
[٣]- في ت: "بحجة".
[٤]- في ز: "الحجة".
[٥]- سقط من: خ.
[٦]- انجفل مطاوع جفله، بمعنى جرفه، وأبعده.
[٧]- في خ: "فاطر".
[٨]- الطغام: أراذل الناس وسفهاؤه".
[٩]- في ت: "الله".
[١٠]- في ت: الدعوة.
[١١]- في ت: "الملة".
[١٢]- في خ: "وكلما".