للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (٢٩) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)

يقول تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾ أي: أهل الأرض كلهم؛ من إنس وجن، وبر وفاجر، كقوله: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾. ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾. أي: الزموا أنتم وهم مكانًا معينًا، امتازوا فيه عن مقام المؤمنين، كقوله تعالى: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾، وقوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾، وفي الآية الأخرى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ أي: يصيرون صدعين، وهذا يكون إذا جاء الرب لفصل القضاء؛ ولهذا قيل ذلك [] [١] يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا (٣٧)، وفي الحديث الآخر (٣٨): " نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس".

وقال الله تعالى في هذه الآية الكريمة، إخبارًا عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة ﴿مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾. أنهم أنكروا عبادتهم وتبرءوا منهم، كقوله: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾.

وقوله: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾، وقوله: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ


(٣٧) - أخرجه أحمد (١٢١٧٣) (٣/ ١١٦)، والبخاري، كتاب: التفسير، باب: سورة البقرة (٤٤٧٦)، ومسلم، كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها (٣٢٢) (١٩٣)، والنسائى في الكبرى في "التفسير" (٦/ ١٠٩٨٤)، وابن ماجه، كتاب: الزهد، باب: ذكر الشفاعة (٤٣١٢) من حديث أنس بن مالك .
(٣٨) - صحيح، أخرجه أحمد (١٤٧٦٤) (٣/ ٣٤٥) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير أنه سأل جابرًا عن الورود قال: سمعت رسول الله يقول. . . فذكره، وابن لهيعة سيئ الحفظ، وقد خالفه ابن جريج فقال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يُسأل عن الورود فقال - هكذا موقوفًا - "نجئ نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أى ذلك فوق الناس - وقد أفاد النووي في "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٥٩) نقلا عن القاضي عياض. . . . أن هذا اللفظ فيه تغيير كثير وتصحيف وصوابه "نجيء يوم القيامة على كوم" وانظر بقية كلامه هناك - واللفظ الذى أورده المصنف له شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن خريمة في "التوحيد" (ص ٢٣٥ - ٢٣٦)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (٢/ ٧٥٦).