للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول تعالى مخبرًا عن كفر هؤلاء المشركين [١] في استعجالهم العذاب، وسؤالهم عن وقته قبل التعيين، مما لا فائدة [لهم فيه]، كقوله: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾. أي؛ كائنة لا محالة، وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عينًا، ولهذا أرشد تعالى رسوله إلى جوابهم فقال: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾. أي: لا أقول إلا ما علمني، ولا أقدر على شيء مما استأثر به إلا أن يطعني عليه، فأنا عبده ورسوله إليكم، وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة، ولم يطلعني على وقتها ولكن [٢] ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ أي: لكل قرن مدة من العمر مقدرة [٣]، فإذا انقضى أجلهم ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾، كقوله: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾. الآية. ثم أخبرهم أن عذاب الله سيأتيهم بغتة، فقال: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا﴾ [أي: ليلًا أو نهارًا] [٤] ﴿مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾] يعني: أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾.

﴿ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ﴾ أي: يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتًا وتقريعًا، كقوله: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥٣) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٥٤)

يقول تعالى: ويستخبرونك أحق هو؟ أي: المعاد والقيامة من الأجداث بعد صيرورة الأجسام ترابًا ﴿قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي: ليس صيرورتكم ترابًا بمعجز الله عن إعادتكم كما بدأكم من العدم، فإنما ﴿أَمْرُهُ [٥] إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ


[١]- فى ز، خ: "المشركون".
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في ز: "مقدر".
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٥]- في خ: "قوله".