للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)

يذكر الله تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفية خلاصهم منهم، وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون أن يتبوَّءا، [أي: يتخذا] [١] لقومهما بمصر بيوتًا.

واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ فقال الثوري وغيره (٨٨)، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ قال: أُمِرُوا أن يتخذوها مساجد.

وقال الثوري أيضًا، عن ابن منصور، عن إبراهيم ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا فى بيوتهم.

وكذا قال مجاهد وأبو مالك، والربيع بن أنس والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه زيد بن أسلم، وكأن هذا - والله أعلم - لما اشتد بهم البلاء من قِبَل فرعون وقومه وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة، كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ وفى الحديث (٨٩): كان رسول الله إذا حزبه أمر صلى أخرجه أبو داود، ولهذا قال تعالى في هذه الآية: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: بالثواب والنصر القريب.

وقال العوفي، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى : لا نستطع أن نُظهرَ صلاتَنا مع الفراعنة، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قِبَل القبلة.

وقال مجاهد: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ قال [٢]: لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرًّا. وكذا قال قتادة والضحاك، وقال سعيد بن جبير: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ أي:


(٨٨) - أخرجه ابن جرير (١١/ ١٥٣)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٠٥٢٩)، والفريابي وابن المنذر، وأبو الشيخ وابن مردويه، كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٦٦).
(٨٩) - حسن، يأتي (سورة الحجر / آية ٩٩).