للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليهم، لكنه كان طاويًا إلى فرعون متصلًا به متعلقًا بحباله. ومن قال: إن الضمير في قوله: ﴿وَمَلَئِهِمْ﴾ عائد إلى فرعون وعظم الملك من أجل اتباعه أو بحذف [١] آل فرعون وإقامة المضاف إليه مقامه - فقد أبعد، دان كان ابن جرير قد حكاهما عن بعض النحاة. ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى:

﴿وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٨٦)

يقول تعالى مخبرًا عن موسى أنه قال لبني إسرائيل ﴿يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ أي: فإن الله كاف من توكل عليه ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، وكثيرًا ما يقرن الله تعالى بين العبادة والتوكل، كقوله [٢] تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾، ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾، ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾، وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.

وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك فقالوا: ﴿عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ أي: [لا تظفرهم] [٣] بنا وتسلطهم علينا، فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك، هكذا روي عن أبي مجلز وأبي الضحى.

وقال ابن أبي نجيح وغير واحد، عن مجاهد: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم فيفتنوا [٤] بنا.

وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ لا تسلطهم علينا فيفتنونا.

وقوله [٥] ﴿وَنَجِّنَا [بِرَحْمَتِكَ﴾ أي: خلصنا] [٦] برحمة منك وإحسان ﴿مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ أي: الذين كفروا الحق وستروه، ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك.


[١]- في ز: "بخوف"، خ: "تخوف".
[٢]- في ز: "كما في قوله".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ز: "بظفرهم".
[٤]- في ز: "ليفتتنوا".
[٥]- سقط من: ز، خ.
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.