للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس قرأ: (ألا إنهم تَثْنَوْني [١] صدورهم) الآية.

قلت [٢]: يا أبا العباس، ما تثنوني [٣] صدورهم؟ قال: [كان الرجل] [٤] يجامع امرأته فيستحي أو يتخلى فيستحي، فنزلت: (ألا إنهم تَثْنَوْني [٥] صدورهم). وفى لفظ آخر له (٩) قال ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم [فيفضوا إلى السماء] [٦]، فنزل ذلك فيهم.

قال البخاري: وقال غيره عن ابن عباس: ﴿يَسْتَغْشُونَ﴾ يغطون رءوسهم.

[ثم قال (١٠): حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو قال: قرأ [٧] ابن عباس ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ [٨]﴾.

وقال ابن عباس في رواية أخرى في تفسير هذه الآية (١١): يعني به الشك في اللَّه، وعمل السيئات. وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهم، أي: أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئًا أو عملوه، يظنون [٩] أنهم يستخفون من اللَّه بذلك، فأعلمهم [١٠] اللَّه تعالى أنهم حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ﴾ من القول ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أي: يعلم مما تكن صدورهم من النيات والضمائر والسرائر، وما أحسن ما قال زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة:

فَلا تَكْتُمُنَّ اللَّه ما في نفوسِكم [١١][ليخفى فمهما يُكتم] [١٢] اللَّه يَعْلمِ

يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ في كتاب فَيُدَّخرْ [١٣] … ليوم حسابٍ [١٤] أو يُعَبلْ فَيُنْقَمِ


(٩) - صحيح البخاري رقم (٤٦٨١).
(١٠) - صحيح البخاري رقم (٤٦٨٣).
(١١) - إسناده فيه انقطاع، أخرجه ابن جرير (١١/ ١٨٥)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١١٠٦٥٧).