للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقد اعترف هذا الشاعر الجاهلي بوجود الصانع، وعلمه بالجزئيات وبالمعاد وبالجزاء، وبكتابة الأعمال في الصحف ليوم القيامة.

وقال عبد اللَّه بن شداد (١٢): كان أحدهم إذا مر برسول اللَّه، ، ثنى صدره وغطن رأسه، فأنزل اللَّه ذلك.

وعود الضمير [] [١] على اللَّه أولى لقوله: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾.

وقرأ ابن عباس (١٣) [٢]: (ألا إنهم تَثْنَوْنِي صدورُهم) برفع الصدور على الفاعلية، وهو قريب المعنى.

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦)

أخبر تعالى أنه متكفل بأرزاق المخلوقات من سائر دواب الأرض؛ صغيرها وكبيرها، بحريها وبريها، وأنه يعلم مستقرها ومستودعها، أي: يعلم أين منتهى سيرها في الأرض، وأين تأوي إليه من وكرها، وهو مستودعها.

وقال على بن أبى طلحة وغيره، عن ابن عباس (١٤) ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا﴾ أي: حيث تأوي ﴿وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ حيث تموت.

وعن مجاهد: ﴿مُسْتَقَرَّهَا﴾ في الرحم ﴿وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ في الصلب كالتي في الأنعام. وكذا روي عن ابن عباس والضحاك وجماعة، وذكر ابن أبي حاتم أقوال المفسرين هاهنا كما ذكره عند تلك الآية، فالله أعلم. وأن جميع ذلك مكتوب في كتاب عند اللَّه مبين عن جميع ذلك، كقوله ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾، وقوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ


(١٢) - مرسل، أخرجه ابن جرير (١١/ ١٨٣)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٠٦٥٩) وسعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ - كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٧٩).
(١٣) - صحيح، تقدم (٨، ٩).
(١٤) - صحيح، أخرجه ابن جرير (١٢/ ٢)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٠٦٧٧)، وعبد الرزاق، وابن المنذر، وأبو الشيخ؛ كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٨١).