للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ فكان كما وصف نفسه تعالى، إذ ليس إلا الماء و [١] عليه العرش، وعلى العرش ذو الجلال والإِكرام، والعزة والسلطان، والملك والقدرة، والحلم والعلم، والوحمة والنعمة، الفعالُ لما يريد.

وقال الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير؛ قال: سئل ابن عباس عن قول اللَّه: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح (٢٤).

وقوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ أي: خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه وحده [لا شريك له] [٢]، ولم يخلق ذلك عبثًا، كقوله ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾، وقال تعالى ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ أي: ليختبركم ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ ولم يقل: أكثر عملًا، بل أحسن عملًا، و [لا يكون] [٣] العمل حسنًا حتى يكون خالصًا للَّه ﷿ على شريعة رسول اللَّه، ، فمتى فَقَدَ العمل واحدًا من هذين [٤] الشرطين بطل وحبط.

وقوله: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ يقول تعالى: ولئن أخبرت يا محمد هؤلاء المشركين أن اللَّه سيبعثهم بعد


(٢٤) - صحيح موقوف، أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ٥٨٤)، والدارمي في "الرد على المريسي" (ص ٨٧)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٠٦٩٧)، وإبن جرير (١٢/ ٥)، وأبو الشيخ في " العظمة " (٢/ ٢١٠)، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في " كتاب العرش " (رقم ٢)، والحاكم في " المستدرك " (٢/ ٣٤١)، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (٢/ ٨٠٢) من طرق عن سفيان، به.
وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ظلال الجنة: "إسناده جيد موقوت، وليس له حكم المرفوع؛ لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاه عن أهل الكتاب".