فحينئذ أمر الله نوحًا ﵇ أن يحمل معه في السفينة من كلٍّ زوجين اثنين [١] من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، قيل: وغيرها من النباتات اثنين: ذكرًا وأنثى، فقيل: كان أول من أدخل من الطور الدُّرَّة (٥)، وآخر من أدخل من الحيوانات الحمار، فدخل إبليس متعلقًا بذنبه، [فدخل بيده][٢]، وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس وهو متعلق بذنبه، فجعل يقول له نوح ﵇: مالك؟ ويحك! ادخل، فينهض ولا يقدر، فقال: ادخل وإن كان إبليس معك، فدخلا في السفينة.
وذكر [أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود][٣] أنهم لم يستطعوا أن يحملوا معهم الأسد حتى ألقيت عليه الحمى.
وقال ابن أبي حاتم (٤٦): حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني الليث، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، [عن أبيه][٤] أن رسول الله، ﷺ، قال: "لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه: وكيف [نطمئن أو تطمئن المواشي] ومعنا الأسد؟ فسلط الله عليه الحمى فكانت أول حمى نزلت في [٥] الأرض، ثم شكوا الفأرة فقالوا: الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا [٦]، فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها.
وقوله: ﴿وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ أي: واحمل فيها أهلك - وهم أهل بيته وقرابته - إلا من سبق عليه القول منهم ممن [٧] لم يؤمن بالله، فكان منهم ابنه يام الذي انعزل وحده وامرأة نوح وكانت كافرة بالله ورسوله.
وقوله: ﴿وَمَنْ آمَنَ﴾ أي: من قومك ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ أي: نزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فعن ابن عباس: كانوا ثمانين
(٤٦) - مرسل، تفسير ابن أبي حاتم (٦/ ١٠٨٧١)، وذكره المصنف في "البداية والنهاية" (١/ ١٢٦) وقال: "هذا مرسل".