للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)

يخبر تعالى أنهم قالوا لنبيهم: ﴿ما جئنتا ببينة﴾ أي: بحجة وبرهان على ما تدعيه ﴿وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك﴾ أي: بمجرد قولك اتركوهم نتركهم ﴿وما نحن لك بمؤمنين﴾ بمصدقن ﴿إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء﴾ يقولون: ما نظن إلا أن بعض الآلهة أصابك بجنون وخبل في عقلك؛ بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لها ﴿قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه﴾ يقول: إني بريء من جميع الأنداد والأصنام ﴿فكيدوني جميعًا﴾ أي: أنتم وآلهتكم إن كانت حقّا ﴿ثم لا تنظرون﴾ أي: طرفة عين.

وقوله: ﴿إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ أي: تحت قهره وسلطانه، وهو الحاكم العادل الذي لا يجوز في حكمه، فإنه على صراط مستقيم.

قال الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو، عن أيفع بن عبد الكلاعي (٦٠): أنه قال في قوله تعالى: ﴿ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم﴾ قال: فيأخذ بنواصي عباده [فيلقن المؤمن] [١] حتى يكون له ألين من الوالد لولده، ويقال للكافر ﴿ما غرك بربك الكريم﴾.

وقد تضمن هذا المقام حجة بالغة ودلالة قاطعة على صدق ما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام، التي لا تنفع ولا تضر، بل هي جماد لا تسمع ولا تبصر، ولا توالي ولا تعادي، وإنما يستحق إخلاص العبادة الله وحده لا شريك له، الذي بيده الملك وله التصرف، وما من شيء إلا تحت ملكه وقهره وسلطانه، فلا إله إلّا هو ولا رب سواه.


(٦٠) - أثر صحيح، أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ١٣١ - ١٣٢) من طريق إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو به نحوه، وأخرجه أيضًا من حديث الوليد بن مسلم ثنا صفوان بن عمرو عن أيفع … فذكر حديثا طويلًا، ليس فيه هذا اللفظ المذكور هنا، وتابع إسماعيل بن عياش على هذه اللفظة أبو المغيرة؛ أخرجه عبد الله بن أحمد في "كتاب السنة" (٢/ ١٢٠٨) حدثني أبى نا أبو المغيرة له نحوه.